المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قمة المحبة والوفاء والعفو



دلوعة الامارات
01-26-2018, 05:16 PM
قمة المحبة والوفاء والعفو


--------------------------------------------------------------------------------

بسم
الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

صلى
الله عليه وسلم



( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى
الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ
هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (آل عمران:104)


جيل لن يتكرر

أتى شابّان
إلى الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكان في المجلس وهما يقودان رجلاً من
البادية فأوقفوه أمامه

‏قال عمر: ما هذا

‏قالوا : يا أمير المؤمنين ،
هذا قتل أبانا

‏قال: أقتلت أباهم ؟‏قال: نعم قتلته

‏قال : كيف
قتلتَه ؟

‏قال : دخل بجمله في أرضي ، فزجرته، فلم ينزجر، فأرسلت عليه
‏حجراً، وقع على رأسه فمات...

‏قال عمر : القصاص .... ‏الإعدام.. قرار لم
يكتب ... وحكم سديد لا

يحتاج مناقشة ، لم يسأل عمر عن أسرة هذا الرجل ، هل
هو من قبيلة شريفة ؟ هل هو من أسرة قوية ؟‏ما مركزه في المجتمع ؟ كل هذا لا يهم عمر
- رضي الله عنه - لأنه لا‏يحابي ‏أحداً في دين الله ، ولا يجامل أحدا ًعلى حساب شرع
الله ، ولو كان ‏ابنه ‏القاتل ، لاقتص منه ..

‏قال الرجل : يا أمير المؤمنين
: أسألك بالذي قامت به السماوات والأرض ‏أن تتركني ليلة، لأذهب إلى زوجتي وأطفالي
في البادية ، فأُخبِرُهم ‏بأنك‏سوف تقتلني ، ثم أعود إليك ، والله ليس لهم عائل إلا
الله ثم أنا

قال عمر : من يكفلك

أن تذهب إلى البادية ، ثم تعود
إليَّ؟

‏فسكت الناس جميعا ً، إنهم لا يعرفون اسمه ، ولا خيمته ، ولا داره
‏ولا قبيلته ولا منزله ، فكيف يكفلونه ، وهي كفالة ليست على عشرة دنانير، ولا على
‏أرض ، ولا على ناقة ، إنها كفالة على الرقبة أن تُقطع بالسيف ..

‏ومن يعترض
على عمر في تطبيق شرع الله ؟ ومن يشفع عنده ؟ومن ‏يمكن أن يُفكر في وساطة لديه ؟
فسكت الصحابة ، وعمر مُتأثر ، لأنه‏وقع في حيرة ، هل يُقدم فيقتل هذا الرجل ،
وأطفاله يموتون جوعاً هناك أو يتركه فيذهب بلا كفالة ، فيضيع دم المقتول ، وسكت
الناس ، ونكّس عمر‏رأسه ، والتفت إلى الشابين : أتعفوان عنه ؟


‏قالا :
لا ، من قتل أبانا لا بد أن يُقتل يا أمير المؤمنين..

‏قال عمر : من يكفل
هذا أيها الناس ؟!!

‏فقام أبو ذر الغفاريّ بشيبته

وزهده ، وصدقه
،وقال: ‏يا أمير المؤمنين ، أنا أكفله

‏قال عمر : هو قَتْل ، قال : ولو كان
قاتلا!

‏قال: أتعرفه ؟

‏قال: ما أعرفه ، قال : كيف
تكفله؟

‏قال: رأيت فيه سِمات المؤمنين ، فعلمت أنه لا يكذب ، وسيأتي إن
شاء‏الله

‏قال عمر : يا أبا ذرّ ، أتظن أنه لو تأخر بعد ثلاث أني
تاركك!

‏قال: الله المستعان يا أمير

المؤمنين ...

‏فذهب الرجل
، وأعطاه عمر ثلاث ليال ٍ، يُهيئ فيها نفسه، ويُودع‏أطفاله وأهله ، وينظر في أمرهم
بعده ،ثم يأتي ، ليقتص منه لأنه قتل ....

‏وبعد ثلاث ليالٍ لم ينس عمر
الموعد ، يَعُدّ الأيام عداً ، وفي العصر‏نادى ‏في المدينة : الصلاة جامعة ، فجاء
الشابان ، واجتمع الناس ، وأتى أبو ‏ذر‏وجلس أمام عمر ، قال عمر: أين الرجل ؟ قال :
ما أدري يا أمير المؤمنين!

‏وتلفَّت أبو ذر إلى الشمس ، وكأنها تمر سريعة
على غير عادتها، وسكت‏الصحابة واجمين ، عليهم من التأثر مالا يعلمه إلا
الله.

‏صحيح أن أبا ذرّ يسكن في قلب عمر، وأنه يقطع له من جسمه إذا أراد‏لكن
هذه شريعة ، لكن هذا منهج ، لكن هذه أحكام ربانية ، لا يلعب بها ‏اللاعبون ‏ولا
تدخل في الأدراج لتُناقش صلاحيتها ، ولا تنفذ في ظروف دون ظروف ‏وعلى أناس دون أناس
، وفي مكان دون مكان...

‏وقبل الغروب بلحظات ، وإذا بالرجل يأتي ، فكبّر عمر
،وكبّر المسلمون‏معه

‏فقال عمر : أيها الرجل أما إنك لو بقيت في باديتك ، ما
شعرنا بك ‏وما عرفنا مكانك !!

‏قال: يا أمير المؤمنين ، والله ما عليَّ منك
ولكن عليَّ من الذي يعلم السرَّ وأخفى !! ها أنا يا أمير المؤمنين ، تركت أطفالي
كفراخ‏ الطير لا ماء ولا شجر في البادية ،وجئتُ لأُقتل..

وخشيت أن يقال لقد
ذهب الوفاء بالعهد من الناس

فسأل عمر بن الخطاب أبو ذر لماذا
ضمنته؟؟؟

فقال أبو ذر :

خشيت أن يقال لقد ذهب الخير من
الناس

‏فوقف عمر وقال للشابين : ماذا تريان؟

‏قالا وهما يبكيان :
عفونا عنه يا أمير المؤمنين لصدقه..

وقالوا نخشى أن يقال لقد ذهب العفو من
الناس !

‏قال عمر : الله أكبر ، ودموعه تسيل على لحيته ..... ‏جزاكما الله
خيراً أيها الشابان على عفوكما ، وجزاك الله خيراً يا أبا ‏ذرّ‏يوم فرّجت عن هذا
الرجل كربته، وجزاك الله خيراً أيها الرجل‏لصدقك ووفائك ... ‏وجزاك الله خيراً يا
أمير المؤمنين لعدلك و رحمتك....

‏قال أحد المحدثين :

والذي نفسي
بيده ، لقد دُفِنت سعادة الإيمان ‏والإسلام في أكفان عمر!!.

شاور لتفسير الاحلام
https://goo.gl/KwS51D